من تورونتو الى مونتريال كانت رحلتي مع مجموعة من الأصدقاء... لم نكن ذاهبون في عمل ... وليس الموسم موسم اجازات، رحلتنا كانت لحضور حدث استثنائي القى بظلاله علينا منذ ان بدأ الأعلان عنه قبل قرابة الشهرين، وتركنا في حال من الترقب واللهفة والتحضير. ظروف الطقس رغم برودته كانت ملائمة للقيادة، فلا أمطار ولا ثلوج، لذا خلت الرحلة من المنغصات. ولم نشعر بالملل لأن فيروز رافقتنا بصوتها خلال الساعات الست ... نسمعها ونتحدث عنها وعن ذكرياتنا معها، ونتكهن أي الأغنيات ستغني.
لم نكن الوحيدون الذين قصدوا مونتريال ذلك اليوم .. ألوف غيرنا أتوا من كافة المدن الكندية والأميركية، والبعض قدم من اوروربا خصيصاً لحضور هذا الحدث الكبير، الذي شغل الصحافة ووسائل الأعلام الكندية.
ليلة قضيناها في احد الفنادق في وسط مدينة مونتريال كانت طويلة جداً... وصباح اليوم التالي - يوم الحفلة الأولى - جاء محملاً بالثلوج التي تساقطت بشكل متقطع لكنه كان كاف لترتدي مونتريال ثوبها الأبيض الناصع من جديد. تسكعنا هنا وهناك في قلب المدينة النابض بالحياة ، نقتل الوقت بإنتظار أن يحل المساء، لنكون على موعد مع جارة القمر التي قررت أن تنزل عن عرشها لتنثر الفرح في قلوبنا المهاجرة المتعطشة لدفء صوتها.
تجملنا لنلاقيها بأبهى حلة وقصدنا مسرح قصر الفنون، احد اهم المسارح في مونتريال والذي لا يفتح أبوابه لأي كان، الا أن أبوابه كانت مشرعة دوماً لصوت لبنان الشامخ.
جاءت مقاعدنا في الصف السادس او السابع، أمتار قليلة تفصلنا عن حلم بات وشيك التحقيق، المسرح ممتليء تقريباً، آلاف اللبنانيون والعرب والكنديون جلسوا في مقاعدهم بإنتظار ان يبدأ الحفل، وكان الجمهور في دقائق الإنتظار التي سبقت بدء الحفل كالأوركسترا، بدأ تمريناته في التصفيق والصفير والتهليل مبكراً، كان يهتف وكأنه يرسل رسالة لفيروز عبر الستار الذي يفصلهم عنها، رسالة حب وحفاوة بضيفة سكنت القلوب منذ عقود، جمهور من كل الأعمار والأجناس والخلفيات الثقافية والإجتماعية.
في تمام الساعة التاسعة أزيح الستار عن المسرح وظهرت الفرقة الموسيقية الضخمة التي اتخذت امكانها استعدادا لبدء الحفل، ووسط تصفيق حار صم الآذان واثار القشعريرة في البدن، أعطى المايسترو الشاب كارن دورغاريان اشارته بالبدء، عزفت الفرقة معزوفتين بمرافقة الكورال قبل أن تطل السيدة فيروز على المسرح، عند مرآها قام كل من في القاعة وقوفاً، وسط تهليل وتصفيق يصعب وصفهما.
توسطت المسرح ، أحنت رأسها تحية للجمهور، كانت ترتدي ثوباً رائعاً من المخمل الأسود، موشى بنقوش فضية، بدت فيه كملكة من ملكات عصر النهضة.
وصدح صوتها بأغنية يا وطني، فأدركت أن الكون يشيخ وصوت فيروز يبقى فتياً أبداً، حنجرة ذهبية تتغنى بروائع ستعيش معنا وبعدنا.
برنامجها كان مقسما لثلاث اغنيات تغادر بعدها المسرح، فتقوم الفرقة بمرافقة الكورال بعزف وغناء معزوفة من مسرحياتها واوبريتاتها، لتعود بعدها لتؤدي ثلاثة اغنيات اخرى.
كما قسم الحفل الى قسمين تفصل بينهما استراحة مدتها 15 دقيقة، في القسم الأول غنت 9 أغنيات والامر نفسه حدث في القسم عندما عادت لتطل علينا بثوب أبيض موشى بالستراس اللامع وهي تبرق وتشع عظمة وشموخاً.
،مر الوقت سريعاً ككل اللحظات الجميلة، تنساب من بين اصابعنا كحبات الرمل، تسرقنا فلا نشعر بها وتغادرنا على حين غفلة، دون ان نكون مستعدين للفراق.
ختمت الحفل وغادرت المسرح وسط تصفيق خيالي لم ينقطع طوال الساعتين، لتعود لتحيي الجمهور الذي بقي يهتف باسمها باغنية "اشتقتلك" وتتبعها بـ "حنا السكران"، لتغادر المسرح وتغلق الستارة ويبقى التصفيق مستمرا لفترة ليست بالقصيرة.
برنامج فيروز تضمن قرابة العشرون اغنية نذكر منها "يا وطني"، "إمي نامت ع بكير"، "سلملي عليه"، "شادي"، حبيتك بالصيف"، سنرجع يوماً، "بحبك يا لبنان"، "اشتقتلك"،"سنرجع"، "جايبلي سلام"، "حنا السكران" وغيرها..
وكما جرت العادة في معظم حفلاتها، منع منعاً باتاً ادخال كاميرات التصوير، ولكن هذا لم يمنع البعض من استغلال تكنولوجيا كاميرات هواتفهم المحمولة، مما جعل مهمة رجال الأمن في القاعة صعبة، في تتبع الجميع فلمع ضوء الفلاشات بين الحين والآخر.
أطرف ما في الحفل أن فيروز المعروفة بجديتها على المسرح فوجئت معنا بأحد الحاضرين يصرخ بأعلى صوته "يا الله ما أطيبك" خلال فترة التوقف بين اغنية واخرى، لم تصدر ردة فعل منها الا ان الجمهور انفجر ضاحكاً ضحكة تأييد.
كما علق احدهم وهو يغادر الحفل "كانت مبسوطة كتير ...عديتون ... تبسمت 4 مرات" وفعلاً لوحظ عليها الأنفعال عندما حيت الجمهور التحية الأخيرة قبل اسدال الستار، فكانت ابتسامتها واضحة وكررت الانحناء اكثر من مرة امام الهدير الرائع لهتاف الجماهير باسمها، كانت تقف بين كل انحناءة لتمر بنظرها على الجمهور بكل ارجاء القاعة.
فيروز قضت اسبوعين في كندا كانت تعمل خلالهما على مفاجأة لجمهورها، أغنية خاصة جديدة حملت عنوان "بيتي الصغير" كتبت كلماتها إبنتها ريما الرحباني، والموسيقى كانت للويز جاسته (Louise Gaste)، تم تسجيلها في ستوديو بيكولو في مونتريال، وانتجتها شركة (Planet of Performers) المنظمة لحفلي فيروز في كندا للمتعهد الفني يوسف حرب.
وقد تمت طباعتها منفردة على اقراص مدمجة، عرضت للبيع عند مدخل القاعة، كما كان معروضاً للبيع كتاب يحكي سيرتها الذاتية، وإصدار خاص لقرص مدمج تمت طباعته في كندا، حمل باقة من اجمل اغنياتها التي تغنت بها ف الحفل وهي: (سنرجع، اسهار بعد اسهار، جليبلي سلام، اخر ايام الصيفية، سالوني الناس، قديش كان في ناس، يا طير، شايف البحر شو كبير، حبيتك بالصيف)، ومرفق معه مجموعة من البطاقات البريدية التي تحمل صوراً لم تنشر من قبل للسيدة فيروز، بالاضافة لمجموعة من القمصان التي حملت صورتها.
الأغنية المنفردة التي سجلت في كندا، تلخص كل مشاعر وهموم الهجرة، بكلمات رحبانية تفيض شاعرية، تتحدث عن الوحدة في الغربة وان الحب يصبح هو الوطن والبيت الصغير يصبح هو المكان الذي ستعرف فيه السعادة.
ترنيمة جميلة يتناوب فيها صوتي الفيولين والبيانو بمساندة الدبل بيس والدرمز ، ليرافقا صوت فيروز الذي يفيض شجناً ورقة ودفئاً.
واستغربت ان برنامجها في الحفلين خلا من هذه الأغنية.
بيتي صغير
بيتي صغير بكندا ما بيعرف طريقوا حدا قرميدوا مغطى بالتلج ... وكل المرج **** شجر وعصافير كتير بتغط ترتاح وبتطير ع قرميد بيتي الصغير بكندا **** كلما بتتلج... بينطر يدوب التلج كلما تغيم ... بينطر يرجع ربيع **** بيتي صغير بكندا من حولوا كل المدى بابوا ما الو مفتاح ... بالي مرتاح أوضة ودار وعلية بقعد وحدي منسية عا شبابيك بيتي الصغير بكندا **** بيتي صغير بكندا وحدوا صوتي والصدا لا في صحاب ولاجيران ... القمر سهران بفكر فيك وبشتاقلك بحزن و بستفقدلك على باب بيتي الصغير بكندا **** بشعل النار ... بنطر ترجع حبيبي تبقى حدي وما تتركني غريبي **** بيتي صغير بكندا مابدي يزوروا حدا الا اللي قلبي اختاروا... قللوا سراروا لـشو فتش بهالكون وبعرف السعادة هون بقلب بيتي الصغير بكندا
الحقيقة يا مي... انو الواحد ما فيه غير ينحني احتراما اولا لاسلوبك الادبي الراقي و ثانيا لذوقك الفني الاكثر رقي... الف شكر الك على مقال من اروع ما كتبت يا مي... و الله لا يحرم القراء العرب منك...
مرسله في
رائع يا مي حسستينا انو نحنا معاكي بالحفلة عنجد اقشعر بدني عندما قرات نصك اسلوبك في الكتابة يبعد الملل تماما و يجعلك تترقب مادا سيكتب فب السطر الموالي شكرا لك يا مي و نحنا كمعجبين للنجمة الدهبية بنفتخر كونك مؤسسة و قائدة.
مرسله في
ما بعرف بدر انا جبت الاغنية الجديدة والسي دي الكوليكشن واحد ب 15 دولار والثاني ب 20 دولار وكان الكاونتر اللي عم ببيعوا منو عجقة كثير صعب تتصفح ... الغلاف بحجم كتالوجات الازياء مثل سنوب ولونه اصفر مايل للبرتقالي...
المشاركات: 10791 | من: Lebanon | تاريخ التسجيل: يوليو 2002
|
مرسله في
على فكرة على عرب 2000 في صور الغلاف للسي دي الجديد وفي صور من البوستكاردز المفروض لم تنشر من قبل.... رولا ما نزلتهم بايلاف يمكن فكرتهم من الارشيف
المشاركات: 10791 | من: Lebanon | تاريخ التسجيل: يوليو 2002
|
يا ليتني بكندا او عندي وقت فراغ كان اجيت والله, من فلوريدا لمنتريال ولا اشي والله, حرام تروح علي حفله مثل هيك و انا قريب, بس الي مستغربه من كندا؟؟!!, معقول فيها عرب اكثر من امريكا او حتى من ولايه وحده امريكيه الي فنانينا العرب تكون حفلاتهم بها قبل ما تكون بامريكا او حتى فقط بكندا. يعني حفله مثل هيك حفله لو كانت بامريكا شو كان صار.
اي حدا عنده اي فكره اذا جارة القمر لها زياره على امريكا يخبرني اغلبكم.
ثانكس مي على المقال الرائع و يسلمو كثر الدلال على النقل
--------------------
المشاركات: 4233 | من: jordanian-usa | تاريخ التسجيل: يناير 2004
|
مرسله في
بجد متل ما قالت ريمي خليتينا نحس كإنو نحنا معك بالسيارة المقال روعة وشهادتنا مجروحة وفيروز طول عمرها كانت ومازالت وستبقى الملكة لكل زمان ومكان
ريمي ثانكس على الصور والاغنية الراااائعة (بحب اسمعها هالاغنية كتير وخصوصا بأوقات البرد والشتي )
--------------------
المشاركات: 5410 | من: P@lest!ne | تاريخ التسجيل: يوليو 2004
|
مرسله في
ريمي ، سنيورة وابو نايف شكرا على الردود... الحفل كان خيالي والشعور اكيد صعب تلخصيه في كلمات لان اللغة تبقى عاجزة امام فيروز ... اغنيتها الجديدة لسان حال كل مهاجر جديد ... جسدت الشعور بالوحدة والوحشة ... حتى لو كان عند الانسان معارف لكنهم ليسوا بقرب وحميمية الاهل واصدقاء الطفولة... ريما احسنت الكتابة وفيروز كانت ولا اروع كما جرت العادة في الاداء... لولا حرصي على حقوق النشر كنت حطيتها لكم تسمعوها
المشاركات: 10791 | من: Lebanon | تاريخ التسجيل: يوليو 2002
|
هاي المقاله نزلتها على السالميه ثلاث مرات وحررتها ثلاث مرات ...
لوووول بسيطة المرة الجاية حطي الاثنين انا نزلتها بعرب 2000 ولانه رولا كانت طالبة مني اكتب عن الحفلة دزيتلهاالمقالة لايلاف كمان لانه القراء مو بالضرورة نفسهم للجريدتين لانه قرائنا 60% منهم من اميركا الشمالية، وهذه فيروز تستحق ينكتب عنها بكل مكان
ما اعتقد رمشنا اصلا انا قاعدة بسادس صف واخذت ناظور مقرب كنت عم راقب ملامح فيروز عن قرب وهي تغني، مثل ابو الهول ما ترمش ولا تحرك ملامح وجها ... بس رائعة بكل معنى الكلمة.... والجمهور كان اروع واثبتلي انه الدنيا بخير والفن بخير...
[ فبراير 16, 2005, 09:42 AM: تم تحرير المشاركه من قبل: Moonchild ]
المشاركات: 10791 | من: Lebanon | تاريخ التسجيل: يوليو 2002
|
إرسال هذه الصفحه لصديق!
لطباعه هذا الموضوع
![[Smile]](smile.gif)
![[Wink]](wink.gif)
![عنوان ياهو ماسنجر [ طَبْعِــي كِذا ]](http://salmiyaforum.net/ubb/yim.gif "عنوان ياهو ماسنجر [ طَبْعِــي كِذا ]")
![[Roll Eyes]](rolleyes.gif)
اكتب ايلاف ولا عرب الفين المصدر.......بس قلت اكيد بيجي حدا ثاني ينزلها ويشيل عني المسؤليه ![[Big Grin]](biggrin.gif)
.......![[thinking]](graemlins/thinking.gif)
![[bye]](graemlins/bye.gif)
![[applause]](graemlins/applause.gif)
