مي ألياس - يستمر مسلسل طريقي في حصد إعجاب الجمهور مع عرض الحلقة السادسة عشر منه، لإمتلاكه جميع عناصر التميز، فهو عمل متكامل لا تشوبه شائبة، شيق، تسير أحداثه بوتيرة متسارعة، صورته جميلة، أبطاله متميزون، يطرح حكاية قديمة بإسلوب جديد ومختلف لا تشعر معه بأنه مقتبس من "فورمات كولومبية".
بيروت: يعيد مسلسل طريقي مجد أفلام "الأسود والأبيض" لكن بصورة ملونة زاهية ومبهرة، ويحيي صناعه نمط الدراما الرومانسية الغنائية التي إشتهرت بها السينما المصرية في الأربعينات، والخمسينات، والستينات لغاية منتصف سبعينات القرن الماضي، وماتت مع رحيل نجوم الغناء الكبار عن الشاشة.
نجمة أولى في كل شيء تتألق شيرين عبد الوهاب بأولى تجاربها الدرامية بشكل لافت، وتثبت أنها نجمة أولى في التمثيل كما هي في الغناء، فرغم أنها في العقد الثالث من العمر لكنها تمكنت من إقناع المشاهد بأنها "دليلة" المراهقة الشقية العنيدة، التي تتحول تدريجياً لإمرأة وزوجة ناضجة، تندمج في مجتمع المتزوجات لكن يبقى حلمها بالغناء شعلة متقدة في داخلها، تدور في فلك أم متسلطة، وزوج مريض بحبها، ماكر ومخادع، مع جرعة صادمة من العصبية أحياناً، يجسد شخصيته باسل خياط بتميز ليس بغريب عليه، وإبنته سلوى (ثراء جبيل) التي تفتقر للحب فتقع فريسة لأول شاب يطرق باب قلبهاـ ولسوء حظها يكون سيد قطة (محمد ممدوح) شقيق دليلة الأكبر، لكنه في نفس الوقت فاسد سافل يدمن القمار، ولا يتورع عن فعل أي شيء ليحقق ما يريد.
تحمل منه سلوى سفاحاً، وسرها يعذبها ويعذب دليلة معها لأنها تشعر بذنب مزدوج، أولاً لأنها تعرف أخلاق شقيقها جيداً، وثانياً لأنه إستخدم زواجها من يحيى المنيسي رغماً عن أنف عائلتها ذريعة للتهرب من إلتزامه الأخلاقي تجاه سلوى التي تصدقه وتكره دليلة لأنها حرمتها من حبيبها.
باسل خياط عنوان التميز الدائم يكتشف يحيى حمل إبنته، فينجح بتمالك أعصابه في المستشفى عندما يخبره الطبيب بأنها فقدت جنينها، فرغم المفاجأة يتمالك أعصابه بإقتدار، ويتصرف بشكل عملي مع الموقف، فالمهم بالنسبة له سمعته وإسمه، ويكتفي بجلد سلوى بعد خروجها من المستشفى عقاباً لها على خطيئتها، ويقرر تزويجها من سكرتيره الفقير البسيط، معتبراً أن الفقراء لا كرامة لهم، فهو تقريباً يأمره بالزواج منها وسط دهشة الشاب وذهوله.
رحيل محمود يكسر ظهر دليلة على صعيد آخر كان محمود (محمد عادل) شقيق دليلة الأقرب إلى قلبها، والذي وقف الى جانبها في جميع محنها وساندها، يعيش قصة حب جميلة مع صديقتها ليلى (ندى موسى)، ويستعد للزواج منها، ويبدو في أسعد حالاته لأنه أخيراً تم نقله الى الإسكندرية ليمارس مهنته كمهندس بعد أن عمل لفترة طويلة كأمين مخازن في الصحراء بشركة يمتلكها زوج خالته، ولسوء حظه، يعود محمود إلى مكان عمله ليلاً ودون سابق إنذار ليأخذ بعض الأوراق المهمة التي نسيها هناك، فيكتشف وجود عصابة تهريب تستغل المخزن في نشاط غير مشروع، ويطارده أفرادها ويتم قتله برصاصة في الظهر.
أغنية "كدة" تستدر دموع المشاهدين ويأتي مشهد العزاء على قدر الفجيعة حيث تتنقل كاميرة المخرج محمد شاكر خضير برشاقة بين أفراد العائلة المصدومة، وأصدقائهم وجيرانهم، ويتألق في تمثيل هذا المشهد بالإضافة لدليلة، الأم (سوسن بدر)، الأب (محمود الجندي)، والحبيبة ليلى (ندى موسى)، على أنغام أغنية"كدة" التي كتبها الشاعر الغنائي المتميز أمير طعيمة، ولحنها خالد عز، ووزعها أمين بو حافة، وأدتها شيرين بإحساس عال أبكى المشاهدين تأثراً. ربما يكون مشهد عزاء محمود من أكثر المشاهد التي ستعلق بذاكرة المشاهد لسنوات طويلة، خصوصاً وأنه تم مونتاجه ليكون ككليب مصاحب لأغنية "كدة" التي حققت 60 الف مشاهدة منذ مساء الأمس على حساب الشركة المنتجة "Beelink TV بموقع يوتيوب.
ولادة نجوم شباب اللافت في هذا العمل أنه ساهم بشكل كبير في تلميع نجومية جيل جديد من الفنانين الشباب، أولهم محمد عادل الذي يشارك في أكثر من عمل هذا العام، ولكن يبقى دوره في طريقي أكثرها تميزاً، بالإضافة لدوره كصحفي شاب طموح في مسلسل بعد البداية، والشاب المعاق في الكابوس.
ندى موسى التي سبق ولفتت إنتباه الجمهور العربي بمسلسل هبة رجل الغراب، تعزز تواجدها الدرامي في مسلسل طريقي الذي يمنحها شهادة ميلاد كممثلة تملك موهبة حقيقية تبرع في الدراما كما الكوميديا.
بينما تستكمل ثراء جبيل تميزها الذي برز في مسلسل "سجن النسا" العام الماضي، في أكثر من مسلسل هذا العام، لكن يبقى دور سلوى هو الأفضل بينهم لما فيه من مساحة درامية مهمة ومؤثرة في الأحداث، بالإضافة لدورها في مسلسل الكابوس.
وتقدم كذلك ياسمين صبري أوراق إعتمادها كنجمة قادمة بقوة بدور نادية صديقة دليلة في المدرسة، الفتاة الجميلة الجذابة التي تكره الدراسة، وتعشق الأضواء، وتتلذذ باللهو مع الشباب، وإضافتهم الى قائمة عشاقها الطويلة، لكنها تحتفظ بقلبها بكراً، لم يذق طعم العشق حتى الآن.
الأبطال خلف الكاميرا لا يتميز فقط الكاتب تامر حبيب والمخرج محمد شاكر خضير، والممثلين في هذا العمل، فمدير التصوير تيمور تميور أحد أبطاله الأساسيين، ومعه المونتير أحمد حافظ، بالإضافة الى مصممة الملابس منية فتح الباب، ومهندس الديكور علي حسام، وأمين بو حافة الذي وضع موسيقى تصويرية رائعة رافقت الصورة وترجمت النص بشكل وصل حد التكامل، وكل فني عمل في الكواليس ليخرج العمل بهذا الشكل.
بعد انتصاف السباق الرمضاني وسعي بعض المشاهدين إلى تحويل بوصلتهم إلى مسلسلات أخرى خاصة مع ثبات الأحداث في المسلسلات التي يتابعونها، إليك 5 أسباب تدفعك لتحويل بوصلتك إلى طريقي.
1) مازال هناك فرصة لفهم الأحداث
ما فاتك في مسلسل "طريقي" ليس بالكثير وعلاقات أبطال العمل ليست معقدة، "دليلة" فتاة تحب الغناء في زمن كانت تحكمات الأسرة والمجتمع والحبيب خانقة بعض الشيء، تربت في في منزل يعاني من مشاكل بين الأب والأم نتيجة اختلاف في المستوى الاجتماعي.
أسرة لها من الأبناء ثلاثة "دليلة" أصغرهم، أحد أخوتها يدعمها بقوة ويساعدها في كل خطوات حياتها، لا يبدأ دعمه عند الغناء ولا ينتهي عند مساعدتها على الزواج من رجل هو والد أحد صديقاتها في المدرسة، أما عن بقية الأحداث والشخصيات فلن تجد صعوبة في فهمها.
2) شيرين في أول عمل تلفزيوني
انتظر الجميع أن يكون المسلسل هزلي، وأن يكون ضعف تمثيل شيرين سبب في تدمير المسلسل بالكامل، لكن بلا جدال شيرين فاقت التوقعات، تفوقت على نفسها على عدة مستويات.
أولها كان الشكل، فالمطلوب من شيرين تقديم دور فتاة في الثانوية العامة، لنرى شيرين أقل وزنا بطريقة ملفتة للنظر، أما عن تمثيلها فالفتاة صاحبة التمثيل الخفيف في "ميدو مشاكل" أصبح لها ثقلا في أداء المشاهد الدرامية.
واستطاعت شيرين أن تقف أمام سوسن بدر صاحبة الأداء الأسطوري في السنوات الأخيرة في جميع أعمالها، ومحمود الجندي الذي يقدم دور يبدو بسيطا إلا إنه نجح في تقديمة بصورة تجعلك تتعاطف معه بشدة وتنتظر ردود فعله، بالرغم من ذلك استطاعت شيرين الصمود أما كل هؤلاء.
3) فرصة مشاهدة فيديو كليب طويل أو الاستماع لألبوم جديد
شيرين في الأساس مطربة، تقدم لنا أغاني كبار النجوم خلال تمثيلها، بالإضافة إلى مجموعة من الأغاني الجديدة مثل "طريقي"، "صح" و"كدة"، حتى الآن كانوا جميعاً على مستوى عالي من الجودة سواء من حيث الكلمات والألحان أو عرضهم خلال المسلسل.
جاءت كل أغنية لتخدم الدراما بصورة أكثر من رائعة، أما عن صناع تلك الأغاني فحدث ولا حرج، يتقدمهم الملحن إيهاب عبد الواحد بتتر المسلسل وأغنيتين حتي الآن، ويحمل لنا التتر اسماء مثل وليد سعد، وخالد عز بالإضافة إلي أمير طعيمة ووليد أبو غزالة.
4) السينارست تامر حبيب
لا يمكن أن يذكر هذا الرجل كنقطة رابعة فرعية في تقرير حول ما الأسباب التي تدفعك لمتابعة عمل هو أحد أركانه، لكن السياق قد يدفعك لهذا.
تامر حبيب السينارست الأكثر قدرة على توصيل أدق الحوارات الإنسانية، وما تحملها العلاقات من تناقضات وقوة وضعف، تامر حبيب هو من كتب "سهر الليالي"، "عن العشق والهوى"، "واحد صحيح"، بإمكانك الرجوع إلى هذه الأفلام على سبيل المثال وليس الحصر، لتجد الحوار بين أبطال الأعمال عبارة عن مقطوعات موسيقية، وليست جمل حوار عادية، تامر استطاع أن ينسج خيوط الشخصيات بطريقة سلسلة سهلة ليست معقدة كما أنها ليست سطحية، يستحق هذا العمل المتابعة لعدة أسباب أولها بالتأكيد هو تامر حبيب.
5) موسيقى أمين بو حافة
أتى هذا الموسيقي من تونس واستطاع لفت الأنظار له في فترة قليلة، ابن الـ 28 عاما اثبت نفسه من قبل في عدة أعمال ناجحة مثل "باب الخلق" و"جبل الحلال" لمحمود عبد العزيز.
نرى اسمه في عملين هذا العام "حارة اليهود" و"طريقي"، يراه الراحل عمار الشريعي متألق، ويتولى هذا العام قيادة العمل الموسيقي الوحيد في سباق الدراما الرمضانية.
أمين بو حافة موسيقي يستحق أن تتابع أي عمل اسمه مرتبط به، حتى لو كان مستوى هذا العمل تحت الصفر، فما بالك بعمل بطلته شيرين في أول بطولة تلفزيونية لها.
6) المخرج محمد شاكر خضير
قدر المخرج أن يأتي اسمه في نهاية التتر، فكان نصيبه في هذا التقرير أن يكون السبب الأخير لتحويل بوصلتك إلى "طريقي".
هل تتذكر دراما "خطوات الشيطان"؟ المخرج الذي قدم الدعوة الإسلامية في فكرة الدراما يعود من جديد لتقديم عمل درامي بطله الموسيقى لذلك فهناك فرصة كبيرة لمشاهدة رقصات كلاسيكية وليس أداء تمثيلي عادي.