مرسله في
ما بين الخيرين حساب !! العلاقة الزوجية من العلاقات المقدسة التي تتطلب من الزوجين مشاركة حقيقية نابعة من أعماق القلب حتى تزدهر وتنمو وتثمر الثمرة الطيبة المرتجاة منها ولها ..
والزوجان مطالبان للوصول الى هذه المرحلة السامية بالتخلي عن بعض حظوظ أنفسهم ورغباتهم ، بحيث تقل وتنهدم بينهما كثير من جدر وحدود الأسرار وتتقاطع مجالات المصالح ، يقل ما هو سري جدا يخشى أحدهما اطلاع الاخر عليه ، ويزيد ما هو مسموح بالتعرف والاطلاع عليه ، ويتحدد ما يتسم بالخصوصية التي لا يسوغ لكل طرف انتهاكها ..
أتفهم ان الزوج محتاج الى فهم ما يدور في حياة شريكة حياته ، ما يجري في دهاليز نفسها من أسرار وخواطر وأفكار ، مشاعرها نحوه ، احلامها ، تطلعاتها ، نظرتها للحياة والأحياء ، ما يدور بين جنبات بيتها ، ما ترى ، ما تسمع ، ما تقول ، من يدخل الى منزلها ومن يخرج منه ، أين تذهب ومن يزورها ، من هن صديقاتها ، ما هي مستوياتهن الفكرية وطبقاتهن الاجتماعية ، ما حدود اهتماماتهن ، هواياتها ، اهتماماتها ، احتياجاتها ، مهاراتها ... الخ ..
وبالمثل أتفهم ان المرأة تريد أيضا أن تفهم ما يدور بخلد عشيرها من خطط وأرؤى وأفكار لازدهار حياتهما ، مشاعره نحوها ، خططه ، طموحاته ، نظرته المستقبلية ، مقدرته المادية ، اهتماماته ، صداقاته ... الخ ..
لكني أيضا اتفهم ان أي منهما بحاجة الى أن يكون له أسراره الخاصة التي يجب أن تحترم ، اللحظات التي يخلد فيها الى نفسه ، التي لا يشاركه فيها احد كائنا من كان ، خصوصياته التي يجب أن لا يطلع على خفاياها الا الله جلت قدرته ، ثم من يأذن هو له بمحض ارادته وكامل وعيه وخالص رشده ، ان يكون له تفرده الذي وسمه الله به ، شخصيته التي حباه الله اياها والتي يجب أن يحبها الطرف الآخر كما هي دونما محاولة منه الى مسخها أو تعديلها أو تبديل أنماطها وسلوكياتها ..
نسرف كثيرا في ظني في استخدام مدلول العبارة الشهيرة التي نستخدمها لاظهار دلالنا لدى الآخر وميانتنا عليه : " ما بين الخيرين حساب " ، وباسمها نورد بعضنا البعض المهالك ، نخطئ في حق بعضنا البعض ، نتجنى على بعضنا البعض ، نفعل ذلك وأكثر حتى تتحول المسألة الى امتهان الى شخصياتنا وانتهاك لحقوقنا ..
نسرف في ممارسة مدلولها فتتحول الأفعال الى أذى يضر بنا كمخاليق ذوي انفس شفيفة وقلوب رقيقة ، فنلجأ الى الطرق الملتوية للحفاظ على شخصياتنا ، وربما التصرفات غير المسئولة لحماية حقوقنا ، وللنفاق الاجتماعي والمجاملة الكاذبة للاستمتاع بما تبقى من خصوصياتنا ، من تفردنا ، عوالمنا الخاصة ، تتحول الى أذى يضر بهذه العلاقة السامية نفسها فتصير قيدا بعد ان شاء لها الاله جل وعز ان تكون حرية منضبطة ، ووحشة بعدما اراد أن تكون سكنا ، ورفقة لا تطاق بعدما شاء لها ان تكون أنسا وطمأنينة ، يقر بخلد كل طرف ان هذا الحرص الزائد عن الحد لا يعد حبا ، بله تملكا ، فيفضي به هذا الشعور الى كره نفسه وكره الآخر ، وربما لى الزهد في العلاقة نفسها، والسعي الى التنصل من قيودها وعهودها ومواثيقها ..
يرن جرس الهاتف فيرد أحدهما واذا بالآخر يفاجئه ولما يضع السماعة بعد انتهاء المكالمة متسائلا عن المتصل : من هو ؟ ماذا يريد ؟ وماذا قلت له ؟
ويستقبل أحدهما رسالة جوالية ، فاذا بالآخر يقرأ الرسالة وكأنها له في ظل انشغال الطرف الآخر غير عابئ بمشاعره ولا مكترث لأسراره وخصوصياته .. وأكثر من ذلك يدفعه الفضول الى التقليب في ذاكرة الجهاز عن الرسائل المحفوظة ، يطلع على الأرقام والأسماء والملاحظات ..
يدق ساعي البريد باب البيت معلنا عن وجود رسالة لأحدهما فيتسلمها الآخر ويفتحها مع علمه أنها لا تخصه شخصيا ولا تتصل بشان عائلي ..
يخلو بحقيبة اليد الخاصة بها فيعيث فيها تقليبا ، يقرأ الأسماء وأرقام الهاتف التي في مفكرتها ، يقرأ صفحات ذكرياتها وخواطرها صفحة صفحة ان كانت ممن يعنى بهذا الفن ، كأنه يفتش عن أسرار ، ويبحث عن مثالب ومعايب ..
فور دخوله للبيت تطالبه بتقديم تقرير تفصيلي عن سلوكه الشخصي منذ غاب عنها وحتى لحظة اطلالته ، تسأله عمن قابل ، وبمن اتصل ، ومع من اجتمع وعلى ماذا اتفق ، مع من تحدث ، من زار ، من زاره ، لمن ابتسم ، من ابتسم له ، ماهي الكلمات التي قيلت له ، ماذا قال هو للآخرين ، ما النكات التي استمع اليها ، ما التي القاها ، ما الاطراء الذي وجه له ، ماذا وجه من اطراء للآخرين ..
تفتش جيوب ثوبه فور عودته من العمل ، تتشمم رائحة ملابسه كأنها تبحث عن أدلة تثبت خيانته لها ، تقرا قصاصات الورق التي يحملها ، تستولي على الفكة ( الفئات النقدية الصغيرة التي تجدها بالجيب ) بدافع احتياجها لها لشراء بعض المستلزمات التي لا يوافق على الوفاء بها ، تطلع على مفكرته ، تقرأ الأرقام والأسماء والرسائل المخزونة بجواله .. تقرا رسائله ، تعليقاته التي يدونها في كراساته او على حواشي كتبه ..
يسألها عن المواقع التي زارتها عندما استخدت الانترنت ، الرسائل التي استقبلها بريدها ، العناوين التي تخزنها في قائمة التواصل بالماسينجر الخاص بها ، يحصل على فاتورة هاتفها ، يدقق في الأرقام ، ويناقش معها بالتفصيل سبب كل اتصال وصاحبه ، وهل هو رجل او امراة قريب أو بعيد ، مهم أو غير مهم ..
دوما نردد بسذاجة : " ما بين الخيرين حساب " ، نفعل ذلك معتقدين في كثير من الأحيان أنه بدافع الحرص ، وزعما منا انه يمثل الحب ، لكن هيهات ان يكون حرصا ، فضلا عن أن يكون حبا .. أم واهم أنا يا ترى ؟!
الى أي درجة توافقين أختي الكريمة على هذا السلوك ؟ الى أي درجة توافق أخي الكريم على هذا السلوك ؟ ما أسبابه ؟ وما هي دوافعه ؟ هل يشكل نقطة قوة لصالح نماء الأسرة ؟ ام هو معول هدم في بنائها ؟ ما المسموح به وما الممنوع عندما نقول : ما بين الخيرين حساب ؟! نصيحتك : كيف نعالج بمن بمثل هذا السلوك مبتلى ؟!
-------------------- أنت مثل الدمعة بعيني أخاف تنزل وأفقدها واذا نزلت غصب عني أحط ايدي واحضنها المشاركات: 192 | من: البحرين | تاريخ التسجيل: أكتوبر 2003
|
إرسال هذه الصفحه لصديق!
لطباعه هذا الموضوع
![[Smile]](smile.gif)
